تداول النفط بين الحرب التجارية الامريكية–الصينية والتوتر في منطقة الخليج

لا يخفى على أحد من متابعي الوضع الجيوسياسي في الفترة الأخيرة وجود توتر وقلق بالغ لدى كافة الأطراف المؤثرة في منطقة الخليج. الأزمة الإيرانية-السعودية ودخول الطرف الأمريكي على خط المواجهة يؤثران بشكل كبير على مستقبل أسعار النفط فضلا عن تداول النفط عامة. بالإضافة إلى ذلك تشهد الساحة التجارية نزاعا قائما بقوة بين الولايات المتحدة الامريكية والصين مما يلقي ايضا بظلاله على النفط باعتبار أن الولايات المتحدة الامريكية والصين يصنفان ضمن الأكثر انتاجا واستهلاكا للنفط.

نبحث في هذا المقال التوقعات المستقبلية حول النفط ونحاول استنباط الوضع السياسي والجيوسياسي للدول الفعالة في تحركات وأسعار الذهب الاسود.

الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين الشعبية

تعتبر الولايات المتحدة أكثر دول العالم إنتاجاً للنفط حسب إحصائيات تم الكشف عنها مؤخرا، إذ تنتج ما يقارب ​​من 14,86 مليون برميل في اليوم، وبالتالي تنتج ما نسبته 15.3% من إنتاج العالم الكلي للنفط، وسط هذه السطوة الامريكية على النفط العالمي تواجه امريكا حربا تجارية مع الصين الشعبية هذا البلد الصناعي الضخم والذي يعتبر ثاني دولة على مستوى العالم من حيث الاستهلاك العالمي للنفط بعد الولايات المتحدة نفسها.

اندلعت الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة بعد إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في 22 مارس من عام 2018 عن وجود نية لفرض رسوم جمركية تبلغ 50 مليار دولار أمريكي على السلع الصينية بموجب المادة 301 من قانون التجارة لعام 1974 التي تسرد تاريخ «الممارسات التجارية غير العادلة» وسرقات الملكية الفكرية.

دونالد ترامب وهواوي

ثم عاد الرئيس الأمريكى ترامب لإطلاق شرارة تصعيد جديدة فى حربه التجارية مع الصين بإعلان شركة جوجل العالمية تعليق كل أعمالها التجارية مع شركة هواوي عملاق الإتصالات الصينية، فى خطوة من شأنها عرقلة أنشطة الشركة الصينية فى الأسواق العالمية، وأعلنت شركة ألفابت المالكة لجوجل أن وقف أى تعاون لها مع هواوي الصينية يشمل نقل أى قطع غيار أو برامج فيما عدا المفتوحة المصدر.

على الرغم من الحرب التجارية الدائرة بين أكبر دولتين في العالم استهلاكا وإنتاجا للنفط، تبقى توقعات الخبراء متزنة بشأن أسعار النفط، حيث يعتقد المحللون الاقتصاديون أن النفط لن يناله التأثير الأكبر من جراء الصدام التجاري بين الدولتين على خلاف العملات الورقية لكلا البلدين والمتوقع تأثرهما بالحرب الاقتصادية الدائرة.

يمكن ملاحظة ذلك أيضا من خلال استقرار أسعار النفط في الفترة الأخيرة دون حدوث أى مفاجآت او تحركات غير متوقعة كما يوضح الرسم البياني التالي للنفط.

استقرار النفط حول مستويات 57 دولار امريكي

لذلك، قد لا يتأثر النفط كثيرا بالحرب التجارية الشعواء القائمة بين الولايات المتحدة والصين، على الاقل خلال المدى القريب والمتوسط.

التوتر في منطقة الخليج وتأثيره على تداول النفط

يرى الكثير من المحللين الاقتصاديين أن المواجهة الساخنة بين ايران والمملكة العربية السعودية والإمارات المتحدة قد بلغت مستويات غير مسبوقة بعد أن وجهت المملكة العربية السعودية اتهامات غير مباشرة لإيران باستهداف الاخيرة ناقلات نفط تابعة للمملكة في البحر الأحمر مؤخرا عن طريق أعمال تخريبية. كما تعرضت بوارج اماراتية لمواقف مشابهة أيضا.

على الناحية الأخرى يهدّد الرئيس الأمريكي ترامب بتصفير صادرات النفط الإيرانية ويراهن على خضوع الدول المعنية بالإعفاءات الأميركية إلى املاءاته، كما يراهن على فرض تسويق النفط السعودي والإماراتي في هذه الدول لاستحواذ أميركا على عائداتها النفطية.

التوترات القائمة في منطقة الخليج بين المملكة العربية السعودية وحليفتها الامارات المتحدة من ناحية، وإيران من ناحية أخرى بالإضافة إلى دخول الولايات المتحدة الامريكية في الصراع، جعل المحللون يطلقون ما يسمونه بـ (حرب النفط) حيث تعتبر المملكة العربية السعودية ثاني أكبر منتج للنفط في العالم بعد الولايات المتحدة الأمريكية، في حين تحتل ايران المرتبة السادسة مناصفة مع العراق، بينما تحافظ الإمارات على وجودها في المرتبة الثامنة.

علاقات دولية في الخليج

التأثير الكبير الذي تتمتع به الدول الثلاث (محور الازمة الخليجية – حرب النفط) يجعل المحللون يرون أن أى خطوات تصعيدية جديدة قد تتخذها أي من الدول الثلاث مثل – فرض الولايات المتحدة عقوبات جديدة على إيران – سوف تؤثر بشكل كبير ومباشر على اسعار النفط عالميا. حيث تزداد المخاوف بشأن الطلب في ظل الأزمة الراهنة بين الثلاث دول.

و الجدير بالذكر أن العقوبات الامريكية الأخيرة على إيران تسببت في مزيد من الانخفاض في صادرات النفط من البلد العضو في أوبك في مايو الجاري، بما يُضاف إلى تقييد للإمدادات ناجم عن اتفاق تقوده المنظمة. كما أثار تصاعد التوترات في الشرق الأوسط خلال الاسبوعين الماضيين مزيد من المخاوف من اضطرابات إضافية للإمدادات.

وطغى تصاعد التوتر على بعض التطورات التي حدثت خلال الأسبوعين الماضيين والتي من شأنها أن تدفع أسعار النفط نحو مزيد من الهبوط.

افتح حسابا وابدأ بالتداول

ان تداول عقود الفروقات يشمل خطورة.