أصبحت الليرة التركية حاليًا تتمتع بهدوء نسبي بعد العاصفة التي واجهتها منذ قرابة الشهرين والنصف، حيث هبطت بشكل مفاجئ لتخسر نحو 20% من قيمتها لتصل عند 7.2 ليرة مقابل الدولار الأمريكي. وتتراجع بنسبة 40% منذ بداية هذا العام وتعد من أسوأ العملات أداء خلال هذا العام، ولم تقتصر الاضطرابات على الليرة وحدها بل كشفت بيانات جديدة أن معدلات التضخم في البلاد ارتفع في شهر آب/أغسطس إلى 17.9% وهو الأعلى منذ 15 عام.
كانت تركيا في السنوات الأخيرة واحدة من أسرع الاقتصادات نموًا في العالم حتى تفوقت على عمالقة الاقتصاد الصين والهند في العام الماضي كما سجلت نموًا بنحو %7.22 خلال الربع الثاني من عام 2018. لكن أرقام نموها المذهلة كانت مدفوعة بالديون بالعملة الأجنبية التي تبلغ حاليًا أكثر من 50% من ناتجها المحلي الاجمالي وفقًا لتقديرات صندوق النقد الدولي، وقد أدى اقتراض البلاد إلى حدوث عجز في حساباتها المالية كما أن تركيا ليس لديها احتياطيات كبيرة كافية لإنقاذ الاقتصاد عندما تسوء الأمور.
ما جعل الأمر سوءًا بالنسبة لتركيا في هذا الوقت هو رغبة الرئيس التركي “رجب طيب أردوغان” في الابقاء على أسعار الفائدة منخفضة على الرغم من أن معدلات التضخم أكثر من ثلاثة أضعاف من مستهدفات البنك المركزي التركي.
ما هو الاتجاه لليرة؟ مهما كان ارتفاعا ام هبوطا، سجل حسابا مع اكسنس وابدا بتداولها الان!
ان تداول عقود الفروقات يشمل خطورة.
ومن جهة أخرى كانت الحكومة تفتقر إلى خطة انعاش أوسع لليرة وبدلًا من ذلك ألقى أردوغان اللوم على الولايات المتحدة في شنها حرب اقتصادية ضد تركيا وأن البلاد ستتغلب على هذا الهجوم وأصر على أن اقتصاد تركيا لا يزال قويًا وأن الليرة ستستقر قريبًا فى مستوى معقول.
أثار الانخفاض الكبير في الليرة التركية الكثير من المخاوف من تداعيات اقتصادية قد تمتد إلى الأسواق الناشئة الأخرى والأنظمة المصرفية في أوروبا.
وقد تفاقمت أزمة الليرة عقب تدهور العلاقات بين تركيا والولايات المتحدة على خلفية احتجاز السلطات التركية للقس الأمريكي “أندرو برونسون” متهمة إياه بالضلوع في الانقلاب الفاشل على الحكومة التركية فى تشرين الأول/أكتوبر 2016 وطالبت الولايات المتحدة بالإفراج عن القس الأمريكي. لكن السلطات التركية رفضت ذلك، الأمر الذي تسبب في غضب الحكومة الأمريكية، ثم بدأ الرئيس الأمريكى “دونالد ترامب” بالهجوم الاقتصادى على تركيا حيث قال أنه سيضاعف الرسوم الجمركية على واردات الصلب والألومنيوم التركية، وهو ما قد يؤثر على حوالي 1.66 مليار دولار من الواردات التركية.
ومن أجل احتواء أزمة الليرة التركية في تلك الأثناء تحدي البنك المركزي التركي الرئيس أردوغان وقام برفع أسعار الفائدة من 17.75% إلى 24%. هذا كان الأمر الذي أدى إلى ارتفاع الليرة التركية إلى 6.06 مقابل الدولار الأمريكي من 6.54 مقابل الدولار.
وقال البنك المركزي التركي ان سيبذل قصارى جهده في الوقت المناسب في اشارة قوية على أن البنك ظل مستقلًا بعيدًا عن سياسات أردوغان النقدية. وقد أدى ذلك القرار إلى بث الثقة من جديد في نفوس المستثمرين لضخ المزيد من الأموال لتركيا والاستثمار بها.
وفي شهر تشرين الأول/أكتوبر رضخت تركيا لمطالب الولايات المتحدة بإطلاق سراح القس الأمريكي “أندرو برونسون” في مسعى منها لحل مشاكلها الاقتصادية، الأمر الذي أثر بالإيجاب على الليرة التركية بشكل كبير. ثم ارتفعت الليرة لتصل إلى 5.66 دولار وهو أفضل مستوى لها منذ آب/أغسطس.
ولكن يرى بعض المحللين أن هذا الانتعاش لن يدوم طويلًا حيث لا توجد مؤشرات على أن الولايات المتحدة سترفع العقوبات على البلاد، كما أن هناك تضخم مرتفع وأسعار فائدة مرتفعة وأيضًا العجز المالي مرتفع.
وقد توقع صندوق النقد الدولي بأن الناتج المحلي الاجمالي لتركيا سيضيف نحو 3.5% خلال هذا العام ونحو 0.4% فقط في عام 2019. وقد انخفض هذا الرقم عن توقعات صندوق النقد الدولي في نيسان/أبريل الماضي التي بلغت 4.2% خلال هذا العام و4% في عام 2019.
كما تتوقع وكالة ستاندرد آند بورز انكماشًا اقتصاديًا في عام 2019 ويرجع الفضل الأكبر إلى الضربة العميقة لليرة التركية وهبوطها بنحو 40% أمام الدولار الأمريكي منذ بداية هذا العام.
ما هو الاتجاه لليرة؟ مهما كان ارتفاعا ام هبوطا، سجل حسابا مع اكسنس وابدا بتداولها الان!
ان تداول عقود الفروقات يشمل خطورة.